قُطَّاع الطريق إلى الجنة
الجنّة غاية المسلم التي يسعى إليها ويعمل لها، والنّار هي أعظم ما يخافه المؤمن، والنجاة منها أعظم فوزٍ يناله المسلم، قال الله –تعالى-: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185].
وإن العبد المسلم منذ ميَّز وكلفه الله يسيرُ إلى هذه الغاية، يعمل الصالحات لنيل هذا الثواب العظيم والنعيم الأبدي المقيم، ولينجو من نار بعيدٍ قعرُها مرٍّ طعامها، شديد حرها خبيث شرابها سرمدي عذابها.
وأول طريق الجنّة والنجاة من النّار يبدأ في هذه الحياة الدُّنيا وينتهي بباب الجنّة، وهو صراط الله المستقيم الذي أمر الله باتباعه، فقال -عزّ وجل-: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
فصراط الله المستقيم هو التمسك بسُّنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- واتباع ما كان عليه سيد البشر محمدٌ -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته -رضي الله عنهم-، قال تبارك وتعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100].
ولكن هذه الجنّة والنجاة من النّار التي هي غاية كل مسلم لها قطاع طرق ومُعوِّقات دونها، كل واحد من قطاع الصّراط المستقيم والمنهج القويم يمنع من دخول الجنّة، ويقذف بمن ظفر به في النّار، فكيف إذا اجتمعت على العبد قُطّاع الطرق المستقيم كلهم، فلا ترجو له بعد استيلائهم عليه فلاحًا أبدًا.
وإن من قطاع الطريق إلى الجنة:
* الأهواءَ المهلكة؛ فالهوى يعمي ويصيب، ويجعل الحق باطلًا والباطل حقًا، والحسن قبيحًا والقبيح حسنًا، والمعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والحلال حرامًا والحرام حلالًا، والشر خيرًا والخير شرًّا.
* إيثارُ الدُّنيا على الآخرة والاغترارُ بها والرضا بمتاعها الزائل عن نعيم الآخرة، قال الله -تعالى-: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16 – 17] وقال –عزّ وجل-: {وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ * الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ} [إبراهيم 2 – 3].
* البدعُ التي تهدم الدين وتغيره، وتكون سببًا في تفرق أمة الإسلام وضعفها، وعدوان بعضها على بعض وعدم تماسكها أمام أعدائها، قال الله -تعالى-:{وأقيموا الصلاة وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم 31 – 32]، وفي الحديث عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: (يردُ عليَّ أناس من أمتي الحوض فتطردهم الملائكة، فأقول: أصحابي، فيقولون: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سُحْقًا سحقا لمن بدَّل بعدي).
* النفسُ الأمَّارة بالسوء؛ فإنها تميل إلى الكسل وتحب الكسل عن الطاعات، وتميل إلى المحرمات، قال الله -تعالى-: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: 53]، فإذا عارضها الإيمانُ؛ كانت نفسا لوَّامة تلوم صاحبها على التقصير في الطاعات واقترافِ بعض المحرمات، فإذا ارتفعت عن هذه المنزلة بالإيمان كانت نفسًا مطمئنة تحب ما أحب الله وتكره ما يكره الله.
* شياطينُ الأنس الذين يزينون الباطل والمنكرات ويذمون الحق والطاعات، قال الله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112].
* إبليسُ وشياطينه؛ فإنه يدعو إلى كل شر وينهى عن كل خير، ويزين سبل الضلال ويثبِّط عن كل خير وطاعة ويصد عن سبيل الله، وقد حذَّرَنا منه ربُّنا فقال -تعالى-: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6].
فاتقوا الله؛ فإن تقوى الله -عزّ وجل- هي السبب بينكم وبين ربكم، واقتدوا برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في كثرة الدعاء بما تحبون من خيري الدنيا والآخرة؛ فإن الله -تبارك وتعالى- يقول: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56].
للشيخ: عبد الرحمن الحذيفي –حفظه الله-
(بتصرف)
وإن العبد المسلم منذ ميَّز وكلفه الله يسيرُ إلى هذه الغاية، يعمل الصالحات لنيل هذا الثواب العظيم والنعيم الأبدي المقيم، ولينجو من نار بعيدٍ قعرُها مرٍّ طعامها، شديد حرها خبيث شرابها سرمدي عذابها.
وأول طريق الجنّة والنجاة من النّار يبدأ في هذه الحياة الدُّنيا وينتهي بباب الجنّة، وهو صراط الله المستقيم الذي أمر الله باتباعه، فقال -عزّ وجل-: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
فصراط الله المستقيم هو التمسك بسُّنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- واتباع ما كان عليه سيد البشر محمدٌ -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته -رضي الله عنهم-، قال تبارك وتعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100].
ولكن هذه الجنّة والنجاة من النّار التي هي غاية كل مسلم لها قطاع طرق ومُعوِّقات دونها، كل واحد من قطاع الصّراط المستقيم والمنهج القويم يمنع من دخول الجنّة، ويقذف بمن ظفر به في النّار، فكيف إذا اجتمعت على العبد قُطّاع الطرق المستقيم كلهم، فلا ترجو له بعد استيلائهم عليه فلاحًا أبدًا.
وإن من قطاع الطريق إلى الجنة:
* الأهواءَ المهلكة؛ فالهوى يعمي ويصيب، ويجعل الحق باطلًا والباطل حقًا، والحسن قبيحًا والقبيح حسنًا، والمعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والحلال حرامًا والحرام حلالًا، والشر خيرًا والخير شرًّا.
* إيثارُ الدُّنيا على الآخرة والاغترارُ بها والرضا بمتاعها الزائل عن نعيم الآخرة، قال الله -تعالى-: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16 – 17] وقال –عزّ وجل-: {وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ * الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ} [إبراهيم 2 – 3].
* البدعُ التي تهدم الدين وتغيره، وتكون سببًا في تفرق أمة الإسلام وضعفها، وعدوان بعضها على بعض وعدم تماسكها أمام أعدائها، قال الله -تعالى-:{وأقيموا الصلاة وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم 31 – 32]، وفي الحديث عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: (يردُ عليَّ أناس من أمتي الحوض فتطردهم الملائكة، فأقول: أصحابي، فيقولون: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سُحْقًا سحقا لمن بدَّل بعدي).
* النفسُ الأمَّارة بالسوء؛ فإنها تميل إلى الكسل وتحب الكسل عن الطاعات، وتميل إلى المحرمات، قال الله -تعالى-: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: 53]، فإذا عارضها الإيمانُ؛ كانت نفسا لوَّامة تلوم صاحبها على التقصير في الطاعات واقترافِ بعض المحرمات، فإذا ارتفعت عن هذه المنزلة بالإيمان كانت نفسًا مطمئنة تحب ما أحب الله وتكره ما يكره الله.
* شياطينُ الأنس الذين يزينون الباطل والمنكرات ويذمون الحق والطاعات، قال الله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112].
* إبليسُ وشياطينه؛ فإنه يدعو إلى كل شر وينهى عن كل خير، ويزين سبل الضلال ويثبِّط عن كل خير وطاعة ويصد عن سبيل الله، وقد حذَّرَنا منه ربُّنا فقال -تعالى-: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6].
فاتقوا الله؛ فإن تقوى الله -عزّ وجل- هي السبب بينكم وبين ربكم، واقتدوا برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في كثرة الدعاء بما تحبون من خيري الدنيا والآخرة؛ فإن الله -تبارك وتعالى- يقول: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56].
للشيخ: عبد الرحمن الحذيفي –حفظه الله-
(بتصرف)