آية عظيمة في أول سورة نزلت في القرآن ، وهي سورة العلق.
هذه الآية تهز الوجدان ، وتفعل في النفس ما لا تفعله سلطات الدنيا ،
آية تضبط النوازع ، وتكبح الجماح ، وتدعو إلى إحسان العمل ، وكمال المراقبة .
وقد جاءت بهذا البيان المعجز الذي لا تصل إليه قوة بشر.
جاءت بهذا التعبير الواضح مُبِيْنَةً عما تحتها من معنى، جاءت بصيغة الاستفهام :
* أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى *[ (14) سورة العلق ].
وتحت هذه الآية من اللطائف والأسرار الشيءُ الكثير؛
ففيها إشارة إلى وجوب المراقبة
وفيها تهديد لمن يتمادى في الغي،
وفيها تلويح إلى وجوب الإقصار عن الشر،
وفيها تلميح إلى أن اطلاع الله - عز وجل - على الخلائق أمر فطري لا يحتاج إلى دليل ،
وفيها تعريض بغباوة من يجهل هذه الحقيقة ، أو يكابر في شأنها.
فيا لله ما أجمل أن يستحضر كلُّ أحدٍ هذه الآية إذا امتدت عينه إلى خيانة ، أو يده إلى حرام ، أو سارت قدمه إلى سوء.
وما أروع أن تكون هذه الآية نُصْبَ أعيننا إذا أردنا القيام بما أنيط بنا من عمل.
وفي هذا سرٌّ بديعٌ ، ودرسٌ عظيمٌ تُفِيد منه الأمةُ بعامة ، ويفيد منه الأفرادُ بخاصة
فواجب على المصلحين أن يتنبهوا لهذا المعنى ، وأن يحرصوا على إشاعته في الناس
ذلكم أن وازعَ الدين والمراقبة لرب العالمين يفعل في النفوس ما لا يفعله وازعُ القوةِ
فإذا أَلِفَ المرءُ أن يراقب ربه ، ويستحضر شهوده واطلاعه عليه - فإن المجتمعَ يأمنُ بوائقه ، ويستريحُ من كثير من شروره.
أما إذا كان الاعتماد على وازعِ القوة ، فإن القوةَ قد تضعف ، وإن الحارسَ قد يغفُل، وإن القانون قد
يُؤَوَّل، وقد يُتَحايلُ للتخلص من سلطانه.
لذلك تكثر الجرائم والمفاسد إذا قلّت التربية الدينية في مجتمع ما ، فإذا أشعنا هذا المعنى في الناس وعَمَدَنا إلى
تربيتهم بأسلوب الدين والفضيلة أرحنا واسترحنا ، ووفَّرنا جهوداً كبيرة ، وقد تكون ضائعة في غير ما فائدة ؛
فالمراقبة حارسٌ قويٌّ يمنع الإنسانَ من التفكير في الجرائم والشرور.
فلا عجب - إذاً - أن تكون هذه الآية في أول سورة نزلت من القرآن الكريم
منقوووول